كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وفي الكشف العوا سافلة الإنسان ويقال أنها ورك الأسد والقمر يخرقها ثم السماك الأعزل وهو كوكب نير من الأول على كتف العذراء اليسرى قريب من المنطقة والقمر يمر به ويكسفه ويقابل السماك الأعزل السماك الرامح وليس من المنازل وسمي رامحًا لكوكب يقدمه كأنه رمحه وسمي سماكًا لأنه سمك أي ارتفع ثم الغفر وهي ثلاثة كواكب من الرابع على ذيل العذراء ورجلها المؤخرة على سطر معوج كدبته إلى الشمال وقيل كوكبان والقمر يمر بجنوبيهما وقد يحاذي الشمالي وهو منزل خير بعد عن شرين مقدم الأسد ومؤخر العقرب ويقال إنه طالع الأنبياء والصالحين وسميت غفرًا لسترها ونقصان نورها وذكر بعضهم أنها من كواكب الميزان ثم الزبانا بالضم وآخره ألف وهما كوكبان نيران من الثاني متباعدان في الشمال والجنوب بينهما قيد رمح على كفتي الميزان.
وقال غير واحد هما قرنا العقرب والقمر قد يكسف جنوبيهما ثم الإكليل وهي ثلاثة كواكب خفية معترضة من الشمال إلى الجنوب على سطر مقوس يشبه شكلها شكل الغفر الأوسط منها متقدم والاثنان تاليان وهي من الرابع والقمر يمر بجميعها، وقيل هي أربعة كواكب برأس العقرب ولذا سميت به وأصل معناه التاج ثم القلب وهو قلب العقرب كوكب أحمر نير أوسط الثلاثة التي على بدن العقرب على استقامة من المغرب إلى المشرق وهو من الثاني واللذان قبله وبعده ويسميان نياطين من الثالث والقمر يمر به ويكسفه من المنطقة ثم الشولة بفتح الشين المعجمة واللام وتسمى إبرة العقرب عند الحجازيين كوكبان من الثاني أزهران متقاربان على طرف ذنب العقرب في موضع الحمة والقمر يحاذيهما ثم النعائم أربعة كواكب من الثالث على منحرف تابع للشولة وتسمى النعائم الواردة أي إلى المجرة والقمر يمر باثنين منها ويحاذي الباقية ويقرب منها أربعة أخرى من الثالث على منحرف هي النعائم الصادرة أي من المجرة وكلها من صورة الرامي وسميت نعائم تشبيهًا بالخشبات التي تكون على البئر، ثم البلدة وهي قطعة من السماء خالية من الكواكب مستديرة شبهت ببلدة الثعلب وهي ما يكنسه بذنبه وتسمى أيضًا بالمفازة والفرجة، وقيل سميت بذلك تشبيهًا بالفرجة التي تكون بين الحاجبين وموضعها خلف الكواكب التي تسمى بالقلادة وهي عصابة الرامي ثم سعد الذابح كوكبان على قرني الجدي بينهما قدر باع جنوبيهما من الثالث والقمر يقاربه ولا يكسفه ويقرب الشمالي كوكب صغير يكاد يلتصق به يقال إنه شاته التي يريد أن يذبحها، وقيل: إنه في مذبحه ولهذا يسمى بالذابح ثم سعد بلع كوكبان على كف ساكب الماء السرى فوق ظهر الجدي بينهما قدر باع غربيهما من الثالث وشرقيهما من الرابع ويقرب متقدمهما كوكب صغير كأنه ابتلعه فلهذا سمي به، وفي القاموس سعد بلع كزفر معرفة منزل للقمر طلع لما قال الله تعالى: {ياأرض ابلعى مَاءكِ} [هود: 44] وهو نجمان مستويان في المجرى أحدهما خفي والآخر مضىء يسمى بالعًا كأنه بلع الآخر، وقيل: لأنه ليس له ما لسعد الذابح فكأنه بلغ شاته والقمر يقارب أجنبهما ولا يكسفه ثم سعد السعود كوكبان، وقيل: ثلاثة على خط مقوس بين الشمال والجنوب حدبته إلى المغرب أجنبهما والقمر يقرب منه من الخامس على طرف ذنب الجدي وأشملهما من الثالث وهو مع الآخر في القول الآخر من كواكب القوس والقمر يقارب أجنبهما وسمي بذلك لأنه في وقت طلوعه ابتداء ما به يعيشون وتعيش مواشيهم ثم سعد الأخبية أربعة كواكب من الثالث ومن كواكب الرامي على يد ساكب الماء اليمنى ثلاثة منها على شكل مثلث حاد الزوايا والرابع وسطه وهو السعد والثلاث خباؤه ولذا سمي بذلك، وقيل: لأنه يطلع قبل الدفء فيخرج من الهوام ما كان مختبئًا والقمر يقاربها من ناحية الجنوب ثم الفرغ المقدم ويقال الأعلى كوكبان نيران من الثاني بينهما قيد رمح أجنبهما على متن الفرس الأكبر المجنح وأشملهما على منكبه والقمر يمر بالبعد منهما ثم الفرغ المؤخر كوكبان نيران من الثاني بينهما قيد رمح أيضًا أجنبهما على جناح الفرس وأشملهما مشترك بين سرته ورأس المسلسلة شبهت العرب الأربعة بفرغ الدلو وهو بفتح الفاء وسكون الراء المهملة وغين معجمة مصب الماء منها لكثرة الأمطار في وقتها ثم بطن الحوت ويقال له الرشاء بكسر الراء أي رشاء الدلو وقلب الحوت أيضًا كوكب نير من الثالث على جنب المرأة المسلسلة يحاذيه القمر ولا يقاربه وإنما سمي به لوقوعه في بطن سمكة عظيمة تحت نحر الناقة تصورها العرب من سطرين عليهما كواكب خفية بعضها من المسلسلة وبعضها من إحدى سمكتي الحوت.
هذا واعلم أن هذه المنازل الثمانية والعشرين تسمى العرب الأربعة عشر الشمالية منها التي أولها الشرطان وآخرها السماك شامية والباقية منها التي أولها الغفر وآخرها بطن الحوت يمانية وأنها تسمى خروج المنزل من ضياء الفجر طلوعه وغروب رقيبه وقت الصبح سقوطه والمنازل التي يكون طلوعها في مواسم المطر الأنواء ورقباؤها إذا طلعت في غير مواسم المطر البوارح قاله القطب، وقال الجوهري: النوء سقوط نجم من المنازل في المغرب مع الفجر وطلوع رقيبه من المشرق يقابله من ساعته في كل ليلة إلى مضي ثلاثة عشر يومًا ما خلا الجبهة فإن لها أربعة عشر يومًا، قال أبو عبيد: ولم يسمع في النوء أنه السقوط إلا في هذا الموضع والعرب تضيف الأمطار والرياح والحر والبرد إلى الساقط منها، وقال الأصمعي: إلى الطالع في سلطانه فتقول مطرنا بنوء الثريا مثلًا والجمع أنواء ونوآن مثل عبد وعبدان، وذكر الطيبي عن المرزوقي أن نوء الشرطين ثلاثة أيام ونوء البطين ثلاث ليال ونوء الثريا خمس ليال ونوء الدبران ثلاث ليال ونوء الهقعة ست ليال ولا يذكرون نوأها إلا بنوء الجوزاء ونوء الهنعة لا يذكر أيضًا وإنما يكون في أنواء الجوزاء والذراع لا نوء له ونوء النثرة سبع ليال ونوء الطرف ثلاث ليال ونوء الجبهة سبع والزبرة أربع والصرفة ثلاث والعواء ليلة والسماك أربع والغفر ثلاث وقيل ليلة والزبانا ثلاث والإكليل أربع والقلب ثلاث والشولة كذلك والنعائم ليلة والبلدة ثلاث، وقيل: ليلة وسعد الذابح ليلة وبلع وسعد السعود وسعد الأخبية والفرغ المقدم ثلاث والمؤخر أربع ولم يذكر في نسختي للرشاء نوءًا.
ثم إن قول الإنسان مطرنا فنوء كذا إن أراد به أن النوء نزل بالماء فهو كفر والقائل كافر حلال دمه إن لم يتب كما نص عليه الشافعي وغيره، وفي الروضة من اعتقد أن النوء يمطر حقيقة كفر وصار مرتدًا وإن أراد به أن النوء سبب ينزل الله تعالى به الماء حسبما علم وقدر فهو ليس بكفر بل مباح لكن قال ابن عبد البر: هو وإن كان مباحًا كفر بنعمة الله تعالى وجهل بلطيف حكمته.
وفي الصحيحين عن زيد بن خالد الجهني أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إثر سماء: «هل تدرون ما قال ربكم؟ قالوا: الله تعالى ورسوله أعلم قال: قال أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر فأما من قال مطرنا بفضل الله تعالى ورحمته فذلك مؤمن بي كافر بالكوكب وأما من قال مطرنا بنوء كذا فهو كافر بي مؤمن بالكوكب» وظاهره أن الكفر مقابل الإيمان فيحمل على ما إذا أراد القائل ما سمعت أولًا والله تعالى الحافظ من كل سوء لا رب غيره ولا يرجى الأخيرة.
والقمر في العرف العام هو الكوكب المعروف في جميع ليالي الشهر، والمشهور عند اللغويين أنه بعد الاجتماع مع الشمس ومفارقته إياها لا يسمى قمرًا إلا من ثلاث ليال وست وعشرين ليلة وفيما عدا ذلك يسمى هلالًا ولعل الأظهر في الآية حمله على المعنى الأول وهو الشائع إذا ذكر مع الشمس أي قدرنا هذا الجرم المعروف منازل ومسافات مخصوصة فسار فيها ونزلها منزلة منزلة {حتى عَادَ} أي صار في أواخر سيره وقربه من الشمس في رأي العين {كالعرجون} هو عود عزق النخلة من بين الشمراخ إلى منبته منها وروي ذلك عن الحسن وقتادة، وعن ابن عباس أنه أصل العذق، وقيل الشمراخ وهو ما عليه البسر من عيدان العذق والكباسة، والمشهور الأول، ونونه على ما حكى عن الزجاج زائدة فوزنه فعلون من الانعراج وهو الاعوجاج والانعطاف، وذهب قوم واختاره الراغب.
والسمين.
وصاحب القاموس إلى أنها أصلية فوزنه فعلول، وقرأ سليمان التيمي {كالعرجون} بكسر العين وسكون الراء وفتح الجيم وهي لغة فيه كالبزيون والبزيون وهو بساط رومي أو السندس.
{القديم} أي العتيق الذي مر عليه زمان يبس فيه ووجه الشبه الإصفرار والدقة والاعوجاج، وقيل: أقل مدة القدم حول فلو قال رجل كل مملوك لي قديم فهو حر عتق منهم من مضى له حول وأكثر، وقيل: ستة أشهر وحكاه بعض الإمامية عن أبي الحسن الرضا رضي الله تعالى عنه.
{لاَ الشمس يَنبَغِى لَهَا} أي يتسخر ويتسهل كما في قولك النار ينبغي أن تحرق الثوب أو يحسن ويليق أي حكمة كما في قولك الملك ينبغي أن يكرم العالم، واختار غير واحد المعنى الأول، وأصل {يَنبَغِى} مطاوع بغي بمعنى طلب وما طاوع وقبل الفعل فقد تسخر وتسهل، والنفي راجع في الحقيقة إلى {يَنبَغِى} فكأنه قيل: لا يتسهل للشمس ولا يتسخر {أَن تدْرِكَ القمر} أي في سلطانه بأن تجتمع معه في الوقت الذي حده الله تعالى له وجعله مظهرًا لسلطانه فإنه عز وجل جعل لتدبير هذا العالم بمقتضى الحكمة لكل من النيرين الشمس والقمر حدًا محدودًا ووقتًا معينًا يظهر فيه سلطانه فلا يدخل أحدهما في سلطان الآخر بل يتعاقبان إلى أن يأتي أمر الله عز وجل، وهذه الجملة لنفى أن تدرك الشمس القمر فيما جعل له وقوله تعالى: {وَلاَ الليل سَابِقُ النهار} لنفى أن يدرك القمر الشمس فيما جعل لها أي ولا آية الليل سابقة آية النهار وظاهر سلطانها في وقت ظهور سلطانها وإلى هذا المعنى يشير كلام قتادة. والضحاك. وعكرمة. وأبي صالح. واختاره الزمخشري ليناسب قوله تعالى: {لاَ الشمس يَنبَغِى لَهَا} ولأن الكلام في الآيتين دل عليه قوله تعالى: {والشمس تَجْرِى} [يس: 38] الآيتان وآخرًا {كُلٌّ في فَلَكٍ يَسْبَحُونَ} وعبر بالإدراك أولًا وبالسبق ثانيًا على ما في الكشاف لمناسبة حال الشمس من بطء السير وحال القمر من سرعته، ولم يقل ولا القمر سابق الشمس ليؤذن على ما قال الطيبي بالتعاقب بين الليل والنهار وبنصوصية التدبير على المعاقبة فإنه مستفاد من الحركة اليومية التي مدار تصرف كل منهما عليها.
وفي الكشف التحقيق أن المقصود بيان معاقبة كل من الشمس والقمر في ترتب الإضاءة وسلطانه على الاستقلال وكذلك اختلاف الليل والنهار فقيل: {وَلاَ الليل سَابِقُ النهار} كناية عن سبق آيته آيته فحصل الدلالة على الاختلاف أيضًا إدماجًا لأنها لا تنافي إرادة الحقيقة، وجاء من ضرورة التقابل هذا المعنى في النهار أيضًا من قوله تعالى: {لاَ الشمس يَنبَغِى لَهَا أَن تدْرِكَ القمر} ولما ذكر مع الشمس الإدراك المؤذن بأنها طالبة للحاق قيل: {لاَّ يَنبَغِى} رعاية للمناسبة وجىء بالفعل المؤذن بالتجدد ولما نفى السبق في المقابل أكد ذلك بأن جىء بالجملة الاسمية المحضة من دون الابتغاء لأنه مطلوب اللحوق. اهـ.
ولم يذكر السر في إدخال حرف النفي على الشمس دون الفعل المؤذن بصفتها ويوشك أن يكون أخفى من السها وكان ذلك ليستشعر منه في المقام الخطابي أن الشمس إذا خليت وذاتها تكون معدومة كما هو شأن سائر الممكنات وإنما يحصل لها ما يحصل من علته التي هي عبارة عن تعلق قدرته تعالى به على وفق إرادته سبحانه الكاملة التي لا يأبى عنها شيء من أشياء عالم الإمكان ويفيد ذلك في غاية كونها مسخرة في قبضة تصرفه عز وجل لا شيء فوق تلك المسخرية وفيه تأكيد لما يفيده قوله تعالى: {ذلك تَقْدِيرُ العزيز العليم} [يس: 38] ورد بليغ لمن إليها يسند التأثير.
وجوز أن يكون ذلك لإفادة كونها مسخرة لا يتسهل لها إلا ما أريد بها من حيث تقديم المسند إليه على الفعل وجعله بعد حرف النفي نحو ما أنا قلت هذا وما زيد سعى في حاجتك يفيد التخصيص أي ما أنا قلت هذا بل غيري وما زيد سعى في حاجتك بل غيره على ما حققه علماء البلاغة والمقصود من نفي تسهل إدراك القمر في سلطانه عن الشمس نفى أن يتسهل لها أن تطمس نوره وتذهب سلطانه ويرجع ذلك إلى نفي قدرتها على الطمس وإذهاب السلطان فيكون المعنى بناء على قاعدة التقديم أن الشمس لا تقدر على ذلك بل غيرها يقدر عليه وهو الله عز وجل وهذا بعد إثبات الجريان لها بتقدير العزيز العليم مشعر بكونها مسخرة لا يتسهل لها إلا ما أريد بها.
وقال بعض الفضلاء فيما كتبه على هامش تفسير البيضاوي عند قوله: وإلاء حرف النفي الشمس للدلالة على أنها مسخرة لا يتيسر لها إلا ما أريد بها وجه الدلالة أن الإيلاء المذكور يفيد التخصيص والابتغاء بمعنى الصحة والتسهيل المساوقين للاقتدار فيفيد الكلام أن الشمس ليس لها قدرة على إدراك القمر وسرعة المسير التي هي ضد لحركتها الخاصة بل القدرة عليهما لله سبحانه فهو فاعل لحركتها حقيقة ولها مجرد المحلية للحركة فصحت الدلالة المذكورة ثم قال: وتفصيل الكلام أن الله سبحانه ذكر أولًا أن الشمس تجري لمستقر لها إشارة إلى حركتها الخاصة ثم ذكر سبحانه أنه قدر القمر أيضًا في منازل الشمس حتى عاد كالعرجون القديم أي رجع إلى الشكل الهلالي وذلك إنما يكون عند قربه إلى الشمس ورجوعه إليها ولما كان للوهم سبيل إلى أن يتوهم أن جرى الشمس وسيرها وتقدير أنوار القمر وجرمه المرئي مما يستند إلى إرادتهما على سبيل إرادتنا التي تتعلق تارة بالشيء وأخرى بضده فيصح ويتيسر للنيرين الأمران كما يصحان لنا وأن يتوهم أن إسناد أمر الشمس والقمر إلى التقدير الإلهي من قبيل إسناد أفعالنا إليه من حيث أن الأقدار والتمكين منه تعالى وأنه سبحانه المبدأ والمنتهي إلى غير ذلك من الاعتبارات.